لماذا ينجح ريجيم الصوم المتناوب حيث تفشل الريجيمات الأخرى؟
هل هي فكرة جيدة أن نجوع قليلاً فقط كل يوم، أو لمدة يومين كل أسبوع ؟ تتراكم البراهين العلمية لتؤكد أن الصوم المتناوب له تأثير مفيد جداً على الصحة وطول العمر. إليكم من موقع حلول ذكية أهم ما كتبه عن هذا الموضوع د.Mercola أشهر أخصائي في التغذية.
أعتقد أنها إحدى الوسائل الأكثر فعالية إذا كنتم في مشكلة مستمرة مع وزنكم ومع المضاعفات الصحية المرافقة لزيادة الوزن. أحد أهم الأسباب أنه يساعد الجسم على الإنتقال من نظام الحرق انطلاقاً من السكريات/ الكربوهايدرات إلى نظام الحرق انطلاقاً من دهون الجسم.
الصوم المتناوب لا يعني الأكل بشراهة ثم الانقطاع عن الأكل حتى الموت جوعاً، ولا أي شكل آخر متطرف من الريجيم. نحن نتكلم هنا بالأحرى عن برنامج يومي لتوقيت الوجبات يسمح بفترات منتظمة من الصوم.
أنا أفضل الصوم المتناوب اليومي، لكنكم يمكن أن تصوموا يومين في الأسبوع إذا أردتم أو يوماً كل يومين. يمكن أن نقوم بعدة تغييرات في هذا النظام.
في حالة الصوم المتناوب اليومي، فإن فعاليته ترتكز على مدته التي يجب أن تكون 16 ساعة متواصلة على الأقل. هذا يعني مثلاً أن لا تأكلوا إلا بين الساعة 11 صباحاً والساعة 7 مساءً. هذا يعني ببساطة أن نتجاوز وجبة الفطور صباحاً وأن نجعل الغداء هي الوجبة الأولى في اليوم.
يمكنكم أن تقصروا قليلاً الوقت المخصص للأكل، من ست ساعات إلى أربع ساعات أو حتى ساعتين إذا أردتم، لكنكم لن تقطفوا النتائج التي ستقطفونها إذا حددتم مدة الإستهلاك اليومي للطعام بثماني ساعات على الأقل.
هذا لأنه يلزم الجسم 6 إلى 8 ساعات ليحرق مخزونه من الغليكوجين؛ وبعد هذا الوقت يبدأ بحرق الدهون. لكن مع هذا، إذا جددتم مخزون الغليكوجين بالأكل بشكل متواصل خلال الساعات الثماني، فلن يقوم الجسم بإستخدام مخزونه من الدهون.
الصوم المتناوب – طريقة في الحياة أكثر مما هي ريجيم
اختبرت منذ سنتين عدة طرق مختلفة لكي أجد النظام الغذائي المناسب لي وأنا راضٍ حالياً عن تناولي للطعام كل يوم في خلال فترة من 6 إلى 7 ساعات. مع أنه ليس مطلوباً أن نقلل كمية الأكل لهذا المخطط الغذائي اليومي، أريد أن أنبهكم إلى خطورة آراء أصحاب التعديلات على هذا الريجيم الذين يعطونكم الحرية الكاملة في تناول الأطعمة السيئة خارج وقت الصوم، هذا يلغي فعالية هذا الريجيم بشكل جذري.
أيضاً بحسب دراسة نشرت سنة 2010 ، فإن الصوم المتناوب مع الإفراط بالأكل للتعويض، لم يحسن نسبة البقاء على قيد الحياة ولا أبطأ نمو أورام البروستات عند الفئران. بالفعل، فالإفراط بالأكل في الأيام التي ليس فيها صوم، يلغي بسهولة الفوائد.
إذا كانت هذه هي المسألة، لماذا نطّبق إذن هذا الصوم ؟
أنا أعتبر الصوم المتناوب طريقة حياة وليس ريجيماً، وهذا يشمل اختيار أطعمة صحية في كل وجبة. تصبح التغذية الصحيحة أهم بكثير عندما نصوم، يجب إذن أن نهتم باختيار الأطعمة قبل أن نجرب الصوم.
هذا يعني أن نخفض استهلاك الكربوهيدرات ونستبدلها بدهون صحية مثل زيت جوز الهند، الزيتون، الزبدة، البيض، الأفوكادو والمكسرات. يجب عموماً أن ننتظر بضعة أسابيع حتى ينتقل الجسم إلى نظام حرق الدهون، لكن عندما يحدث هذا، تختفي رغبتكم بالأطعمة السيئة والكاربوهيدرات بشكل تلقائي. السبب هو أنكم تستطيعون الآن حرق الدهون المخزنة ولستم بحاجة إلى كاربوهيدرات جديدة لتعمل أعضاء جسمكم. للأسف، ورغم الإثباتات العديدة، يبقى الكثير من أخصائيي التغذية متحفظين على وصف الصوم لمرضاهم. يقول Brad Pilon حول هذا الموضوع: “يخاف أخصائيي التغذية بشكل عام من أن ينصحوا مرضاهم بأن يأكلوا أقل بسبب طابع التأنيب الذي تحمله هذه النصيحة، ولكنهم يتحمسون جداً عندما ينصحون مرضاهم بأن يبدأوا بممارسة الرياضة. إذا قلنا إنه يجب أن تبدأوا بممارسة الرياضة وبأكل أطعمة صحية، فلا مشكلة. إذا قلنا إنه عليكم أن توقفوا الأكل لمدة 24 ساعة مرة أو مرتين بالأسبوع فهذه تصبح فجأة بدعة”.
فوائد الصوم المتناوب للصحة:
بالإضافة إلى أن هذا النظام يلغي رغبتكم بالسكر وبالأكل السيء ويحولكم إلى آلة فعالة لحرق الدهون، مما يسمح لكم أن تحافظوا بسهولة على وزن وصحة متوازنين، فإن العلم الحديث يؤكد أن هناك فوائد عديدة أخرى للصوم المتناوب. مثلاً في دراسة قامت بها كلية القلب سنة 2011، تبين أن الصوم يزيد إفراز هورمون النمو بنسبة 1300% عند النساء وبنسبة مذهلة تصل إلى 2000% عند الرجال.
يلعب هورمون النمو دوراً مهماً في الحفاظ على الصحة واللياقة البدنية وطول العمر، خاصة أنه ينشط النمو العضلي وخسارة الوزن عن طريق تسريع عملية الأيض metabolism. قدرة هذا الهورمون على المساعدة في بناء العضلات عن طريق تنشيط خسارة الوزن، تشرح لماذا يساعد هذا الهورمون على فقدان الوزن بدون التضحية بالكتلة العضلية. ولهذا السبب يمكن لأبطال الرياضة أن يستفيدوا من الصوم ( بشرط أن لا يكون هناك تمرينات زائدة عن الحد وأن ينتبهوا إلى مايأكلون ). الشيء الوحيد الآخر الذي يمكن أن ينافس الصوم في تنشيط هورمون النمو هو التمرينات الرياضية المكثفة والمجزأة.
الفوائد الأخرى للصوم المتناوب تتضمن :
- إعادة الحساسية على الأنسولين والليبتين ( مفتاح الصحة الجيدة ) إلى وضعها الطبيعي
- إعادة مستوى هورمون الشهية ( ghrelin ) إلى وضعه الطبيعي
- تخفيض مستوى التريغليسيريد في الدم
- تحسين مؤشرات المرض ( وهي في الغالب عبارة عن بروتين يمكن قياسه في الدم )
- تخفيض الالتهاب وتقليص المشاكل الناتجة عن الجذور الحرة
- الحفاظ على وظائف الذاكرة والتعلم
الصوم المتناوب أفضل من ريجيمات الحدّ من استهلاك الوحدات الحرارية
درس Mark Mattson الباحث في المعهد الوطني للشيخوخة، فوائد كل من الصوم المتناوب وريجيم تقييد الوحدات الحرارية على الصحة. بحسب رأي Mattson، هناك عدة نظريات تشرح لماذا ينجح الصوم :” نتيجة الدراسات التي قمنا بها والتجارب العلمية التي تم إثباتها، يمكننا افتراض أنه خلال فترة الصوم، تعيش الخلايا حالة توتر stress خفيف تستجيب له بأن تحاول التكيف عن طريق تحسين قدرتها على مواجهة التوتر وأيضاً على مقاومة المرض… يوجد شبه كبير بين الطريقة التي تستجيب بها الخلايا للتوتر الناتج عن التمارين الرياضية والتوتر الناتج عن الصوم المتقطع “.
في إحدى دراساته على أشخاص بالغين وزنهم زائد يعانون من حالة ربو متوسطة، فقد هؤلاء 8% من وزنهم عن طريق الصوم يوماً كل يومين لمدة 8 أسابيع. هبطت أيضاً المؤشرات الالتهابية لديهم وتحسنت عوارض الربو بالإضافة إلىتحسن عدة مؤشرات أخرى. كما أظهرت دراسة أحدث أن الصوم المتناوب أعطى نفس فعالية ريجيم تقييد الوحدات الحرارية في مواضيع فقدان الوزن والحساسية على الأنسولين وفي مؤشرات أخرى تتعلق بأمراض الأيض، مع أفضلية الصوم قليلاً في تخفيض مقاومة الأنسولين.
فوائد الصوم المتناوب للدماغ
يستفيد الدماغ أيضاً من الصوم المتناوب. هذه المقالة تشيرإلى الموضوع :” درس Mattson وزملاؤه فوائد الصوم في حماية الأعصاب. إذا لم تأكلوا لمدة 10 إلى 16 ساعة، فسيلجأ جسمكم إلى مخزونه من الدهون والأحماض الدهنية للحصول على الطاقة وهذا سيحرر ما نسميه الأجسام الكيتونية في الدم. وقد تم إثبات أن هذا يحمي الذاكرة ووظيفة التعلم، ويبطئ تطور المرض في الدماغ “.
بالإضافة إلى تحريره الأجسام الكيتونية، ينشط الصوم المتناوب إنتاج بروتين يسمى brain-derived ) BDNF neurotrophic factor ). فتخفيض تناول الطعام إلى 600 كالوري خلال أيام الصوم، يزيد إنتاج ال BDNF بنسبة 50 إلى 400%. ال BDNF ينشط إنتاج خلايا عصبية جديدة ويزيد إنتاج مواد كيميائية عديدة تحسن صحة الدماغ. هذا البروتين يحمي أيضاً الخلايا العصبية من التغييرات المصاحبة لمرضي الزهايمر وباركنسون.
ال BDNF يحمي أيضاً الخلايا المحركة لأعصاب العضلات من التلف ( وهذا التلف بحدث عادة مع التقدم في العمر). إذن فال BDNF مفيد للأعصاب بقدر ما هو مفيد للدماغ، وهذا يشرح لماذا الجهد الجسدي له تأثير مفيد على الأنسجة الدماغية ولماذا جمع الصوم المتناوب مع التمارين الرياضية المكثفة يعطي نتائج عظيمة.
كيف نقوم بتطبيق الصوم المتناوب
إذا كنتم مستعدين لتجربة الصوم المتناوب، ابدأوا بإلغاء الفطور الصباحي. لا تأكلوا ولا تشربوا شيئاً، ما عدا الماء، قبل أن تناموا بثلاث ساعات. وتناولوا الأطعمة في فترة 8 ساعات ( أو أقل ) كل يوم. خلال ال 6 أو 8 ساعات التي تأكلون فيها، خذوا البروتينات الجيدة، قللوا من تناول الكربوهيدرات مثل المعجنات، الخبز والبطاطس واستبدلوها بالدهون المفيدة مثل الزبدة، البيض، الأفوكادو، زيت جوز الهند، زيت الزيتون والمكسرات، أخيراً حتى الدهون التي تطلب منكم وسائل الإعلام والخبراء أن تتفادوها.
هذا يساعدكم على الانتقال من نظام حرق الكربوهيدرات إلى نظام حرق الدهون. عندما يقوم جسمكم بهذا الانتقال، يحدث شيء سحري : رغبتكم بالسكاكر وبالغذاء بشكل عام، تعود إلى طبيعتها العادية بسرعة. ورغبتكم بالأطعمة السيئة تنخفض بشكل كبير حتى تختفي تماماً.
تذكروا أن هذا يحتاج إلى بضعة أسابيع وأنه يحدث تدريجياً، لكن بمجرد أن تنجحوا في الانتقال إلى نظام حرق الدهون، تستطيعون عندها أن تصوموا بسهولة لمدة 18 ساعة بدون أن تشعروا بالجوع. ” الجوع ” الذي يشعر به معظم الناس هو في الواقع رغبة في تناول السكر وهذا سيختفي بسحر ساحر عندما تنجحون في الانتقال إلى نظام حرق الدهون.
هناك أثر جانبي عظيم يحدث وهو أنكم ستحسنون الفلورا المعوية بشكل جذري. الحفاظ على البكتيريا الجيدة في الأمعاء، التي يبلغ عددها 10 أضعاف خلايا جسمكم، هي من أهم الأشياء التي يجب أن تقوموا بها لتقوية جهازكم المناعي ولكي لا تمرضوا، ولكي لا تصابوا بالالتهاب الرئوي والكريب والرشح. ستنامون أفضل، ستزيد طاقتكموصفاؤكم العقلي، وسيصبح تركيزكم أفضل. كل شكل من أشكال صحتكم سيستفيد بشكل جذري إذا كانت الفلوراالمعوية متوازنة.
بالنظر إلى تحربتي الشخصية في الصوم المتناوب، أعتقد أنه من أقوى الوسائل لمساعدة الجسم في الانتقال إلى نظام حرق الدهون وتحسين مجموعة كبيرة من مؤشرات المرض. الفوائد ستصبح مدهشة إذا اقترنت بتمارين رياضية خلال حالة الصوم. إنها وسيلة فعالة لتساعدكم وتساعد عائلتكم على التحكم بصحتكم ووسيلة رائعة لتحسين شكلكم الجسدي.