لا تستطيعون أن تروا هذه السموم (العفن) بالعين المجردة. نادراً ما تشعرون بها. لكنها قد تكون هنا في منزلكم.
وإذا كانت هذه هي الحالة، فعليكم أن تتصرفوا بسرعة لأن هذه السموم قادرة على التسبب بمشاكل صحية لا تعد ولا تحصى – ربو، حساسية، جيوب أنفية مسدودة، تعب مزمن، شعور بالضبابية، فجوات في الذاكرة، غثيان، دوخة، آلام عضلية ومفصلية، حكاك، اضطرابات في النظر…
وفي خلال بعض الوقت، قد تساهم حتى في إصابتكم بالألزهايمر أو مرض باركنسون !
نحن نتكلم عن السموم التي يطلقها العفن في الهواء !
بدأ هذا الموضوع أخيراً يقلق السلطات الصحية في أميركا وأوروبا…لكننا ما زلنا بعيدين عن التحقق من الحجم الحقيقي للأضرار ! ستفهمون بعد قليل لماذا هذا الأمر يشكل قنبلة صحية حقيقية.
لكننا نريد أولاً أن نقضي على أسطورة شائعة جداً : لا، العفن لا ينمو فقط في المساكن غير الصحية !
العفن يضرب منزل النجمين الزوجين الأغنى في العالم !
الإثبات الأوضح هو ما حصل للمغنيين الزوجين الغنيين، بيونسيه وجاي-ز. لقد اشتريا للتو منزلاً في كاليفورنيا بقيمة 90 مليون دولار، وهذا يعطيكم فكرة عن حجم ثروتهما.
مع هذا، فإن منزلهما الفخم السابق، في بيفرلي هيلز، كان ملوثاً بالعفن الخطر ! كان ملوثاً لدرجة أن المغني الشهير جاي-ز سقط مريضاً :
“في منزلنا السابق، كان هناك عفن في الجدار ولم نكن نعرف عنه شيئاً…أنا نادراً ما أمرض ولكنني مرضت طوال أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع”.
أخيراً، طلبت بيونسيه من شركة متخصصة أن تفحص المنزل من الأعلى إلى الأسفل…وهكذا اكتشفا هذا العفن المختبئ!
كانت بيونسيه حامل بتوأم، وأرعبها الخطر الذي يسببه هذا العفن لصحتهم…فانتقل الزوجان فوراً إلى فندق، أقاما فيه حتى العثور على منزل جديد. كما ترون، ليس هناك أحد بمأمن.
استناداً إلى مرصد جودة الهواء، فإن %15 من المساكن مصابة بعفن مرئي
لكن مساكن كثيرة أخرى، يضرب فيها العفن في مناطق “غير ظاهرة” : خلف الأثاث، خلف ورق الجدران أو داخل الأجهزة. كارثة صحية ما زلنا نستخف بها لم يهتم الأطباء بهذا الموضوع لوقت طويل.
لكن الدراسات العلمية بدأت تتراكم:
كشف تحقيق واسع النطاق في تايوان أن أغلبية حالات الربو التحسسي عند الأولاد سببها العفن في صالات التدريس.
كشف علماء أن السموم التي يطلقها العفن قد تشجع تطور مرض باركنسون، لأنها تتداخل مع الدوبامين الذي ينتجه الدماغ؛ ربط العلماء بين متلازمة التعب المزمن و”متلازمة المسكن غير الصحي”، التي تتسبب بها سموم العفن؛
الرائد الكبير في الأبحاث ضد الألزهايمر، دكتور دال بردسن، يدق جرس الإنذار ضد خطر السموم الفطرية، التي ينتجها العفن، على الدماغ؛ ربطت دراسة أميركية بين سموم العفن وبين اضطرابات المزاج وحتى الإصابة بالكآبة !
برأي الدكتور ريتشي شوماكر، الاختصاصي الكبير في هذا الموضوع، أن هذه السموم هي أشد خطراً حتى من المبيدات الحشرية والمعادن الثقيلة.
إليكم السبب:
لماذا تشكل هذه السموم خطراً علينا ؟؟؟
سموم العفن هي فطريات…متخصصة نوعاً ما. يعود السبب في انتشارها اليوم، بدون شك، إلى الاستعمال المفرط للمواد الكيميائية في السبعينات من القرن الماضي.
في ذلك الوقت، بدأ نشر المبيدات المضادة للفطريات في كل مكان تقريباً : في الزراعة بالتأكيد، ولكن في مجالات أخرى أيضاً.
وهكذا أصبحت الفطريات أكثر عدوانية !
أنتم تعرفون “البكتيريا الخارقة” التي ظهرت بسبب الاستخدام المفرط للمضادات الحيوية. هنا المشكلة نفسها: في محاولتنا القضاء على الفطريات بواسطة المبيدات، ساعدنا في ظهور فطريات جديدة أكثر سمية انتشرت في محيطنا.
لحسن الحظ، أغلب الناس لا يعانون من مشكلة عند التعرض لهذه الفطريات : فجهاز تنظيف الجسم من السموم قادر على التحري عن هذه السموم والتخلص منها بشكل طبيعي.
المأساة هي في أن أقلية من بيننا لديها قابلية أعلى للتعرض وراثياً
برأي الاختصاصي الدكتور شوماكر، فإن شخصاً من كل 4 أشخاص يمكن أن يصابوا بمشاكل صحية مزمنة في حال تعرضهم لهذه السموم !
لماذا ؟ لأن ربع الناس لديهم جينات HLA التي تمنعهم من التعرف إلى هذه السموم والتخلص منها : وهي تبقى عندها في الجسم وتؤدي إلى الإصابة ب “متلازمة الاستجابة الالتهابية المزمنة”.
لهذا من المهم جداً أن نتصرف الآن لكي لا نقع في أي مخاطر لا داعي لها !
المرحلة الأولى: تفتيش عام!
الأولوية هي للقيام بفحص دقيق لمنزلكم أو شقتكم، بحثاً عن بقع سوداء صغيرة من العفن.
انتبهوا بشكل خاص للأماكن التالية:
- القبو
- تحت مغسلة المطبخ أو الحمام
- على الحائط أو الأرضية المجاورة للبانيو أو الدوش
- في الخزائن
- على الحافة السفلى للنوافذ
- وكل الأمكنة الأخرى الرطبة في المنزل.
إذا اكتشفتم العفن بكميات كبيرة، اطلبوا اخصائياً بسرعة.
يمكنكم أن تتصرفوا أيضاً من تلقاء ذاتكم عن طريق تجفيف المساحات الملوثة وتعقيمها بالبايكنغ صودا (بيكربونات الصودا).
مع هذا، لا تقوموا بهذا التصرف الخاطئ بالذات : لا تفركوا العفن وهو جاف، لأنكم قد تنشرون السموم في كل مسكنكم!
المرحلة الثانية: طرد العفن !
بعد التفتيش العام، لا تبتهجوا بسرعة لأنكم لم تروا شيئاً…فالعفن قد يختبئ في داخل الجدران.
لهذا من الضروري أن تلتزموا ببضع نصائح أساسية مضادة لهذه السموم:
أولاً، قوموا بتهوئة المنزل جيداً كل يوم، على الأقل 10 دقائق يومياً- هل تعرفون أن الهواء الداخلي أكثر تلوثاً ب 10 مرات من الهواء الخارجي ؟ إذن لا تنسوا أبداً تهوئة المنزل بقدر إمكانكم !
بعدها، انتبهوا جيداً لرطوبة منزلكم – الفطريات تعشق تلك الرطوبة !
لا تترددوا في شراء جهاز يقيس الرطوبة (إنه لا يكلف كثيراً)، واحرصوا على أن تسجل كل الأدوات والأثاث نسبة رطوبة ما بين %30 و%50، وليس أكثر أبداً ! انتبهوا أيضاً إذا كنتم تجففون ثيابكم في منزلكم أو إذا كان لديكم نباتات داخل المنزل.
لنفس السبب، تجنبوا الموكيت والسجاد في المناطق الرطبة (الحمام، المطبخ، غرفة الغسيل…) وركبوا إذا أمكن نظام تهوئة في هذه الغرف.
أخيراً، إذا أردتم أن تتخذوا أفضل الاحتياطات، يمكنكم أن تركبوا في مسكنكم فلتر هواء يزيل كل الجزيئات الملوثة الدقيقة جداً، بما فيها العفن. وبكل تأكيد، تستطيعون أن تستخدموا ناشراً للزيوت العطرية لتنعشوا منزلكم بشكل منتظم!
هذا بالنسبة للوقاية “الميكانيكية”.
ولكن من المهم أيضاً أن تقووا جهازكم المناعي لتجعلوه أقوى ضد هذه السموم !
المرحلة الثالثة: قووا جسمكم!
وكما دائماً، هذا الأمر يمر أولاً…بنوعية الغذاء :
البروبيوتيك (على شكل مكمل غذائي أو أطعمة مخمرة) مفيد للغاية، لأن “البكتيريا الجيدة” في أمعائكم تقف سداً منيعاً في وجه “الميكروبات السيئة” مثل العفن والخمائر.
فكروا في استهلاك الثوم بشكل منتظم، إنه أحد أقوى المواد الغذائية المضادة للعفن. إنه ينظف بالإضافة إلى هذا المجاري التنفسية ويحفز جهازكم المناعي ! فضلوا الثوم النيء الكامل (يمكنكم أن تعصروه وتستعملوا عصيره)
رشوا أطباقكم بالزنجبيل والفلفل الحار، إنهما طعامان خارقان ثمينان لصحتكم عموماً…ومضادان للسموم الفطرية بشكل خاص !
مع كل هذه الإجراءات، يجب أن تتمتعوا بالحماية من العفن الخبيث!
وتذكروا : إذا كانوا لا يكلمونكم عن هذا الموضوع على التلفزيون فهذا لا يعني أنه غير موجود!
ستتكلم وسائل الإعلام أخيراً عن الموضوع، بالتأكيد…لكن هذا سيحدث في غضون 5 أو10 سنوات…وسيكون متأخراً جداً بالنسبة للبعض منا !