الادوية المضادة لترقق العظام هي مثال كاريكاتوري عن الغرور المدهش ل “الطب” الحديث، والجشع الذي لا حد له لشركات الأدوية.
لأنها تصيب بخلل فادح وخطير العملية الطبيعية والمعقدة التي يقوم بها الجسم لتجديد عظامه.
عظامكم أشبه بورشة عمل، إنها تجدد نفسها بشكل مستمر : لديكم عمال متخصصون يهتمون بتدمير الأجزاء المخلخلة في المبنى وإزالة الأنقاض (الخلايا الهادمة للعظم) ومن ثم لديكم عمال مكلفون ببناء جدران جديدة (الخلايا البانية للعظم).
إنها عملية طبيعية يعمل فيها “الهادمون” و “البناة” معاً في انسجام جميل لتحسين صحة عظامكم.
وهم يعملون بكفاءة عالية لدرجة أن هيكلكم العظمي يتجدد بشكل كامل كل 10 سنوات !
لسوء الحظ، كلما تقدمتم بالعمر، تفوقت عملية خسارة العظم على عملية تجديده، وأصبحت الخلايا الهادمة للعظم أنشط من الخلايا البانية.
يمكنكم أن تبطئوا هذه العملية عن طريق نظام حياة صحي، ولكنكم لا تستطيعون منعها نهائياً. كما أن منع الخلايا الهادمة من القيام بعملها ليست فكرة جيدة، لأنكم لا تستطيعون أن تبنوا الجديد بدون تدمير القديم مسبقاً…وإلا سيعمّ الاختلال والخراب في كل هذه الورشة.
في الواقع، الخلايا الهادمة مفيدة جداً، لأنها تمنع العظام الهرمة والمستهلكة من التراكم في هيكلكم العظمي.
لكن شركات صناعة الأدوية لا تهتم بهذا النوع من القدرات عند الجسم. فعندما اكتشفت مادة تبطئ عمل هذه الخلايا الهادمة، وجدت الفرصة سانحة لابتكار دواء مضاد لترقق العظم !
للحصول على الضوء الأخضر من السلطات، كان يكفي أن تبرهن أن هذه الأدوية (bisphosphonates) تخفف بشكل متواضع من التعرض للكسور على المدى القصير.
هذا ما يحدث فعلاً. لكن التأثير أكثر من محدود : بحسب دراسة حديثة نشرتها British Medical Journal سنة 2015، فأنه يجب معالجة 175 امرأة مصابة بترقق العظم لمدة 3 سنوات بهذه الأدوية، من أجل تجنّب كسر واحد في الورك !
المشكلة أن هذه الادوية ليست فقط غير فعالة. ولكن تأثيراتها الجانبية أيضاً لا يستهان بها.
والمثير للسخرية في الأمر، أن هذه الأدوية تنتهي بأن تجعل العظام أكثر هشاشة، لآنها تمنع تدمير الأجزاء المستهلكة والتالفة ( وبالتالي تمنع تجدد العظام).
تجعل هذه الأدوية، في البداية، عظامكم أكثر كثافة وصلابة…لكنها في النهاية تؤذي نوعيتها وربما مرونتها، ولهذا أهمية في امتصاص الصدمات.
النتيجة : اكتشفت دراسة، منشورة في Archives of Internal Medicine (JAMA) سنة 2012، أن أولئك الذين يأخذون هذه الأدوية معرضين أكثر للإصابة بكسور الفخذ. كلما أُخذت هذه الأدوية على المدى الطويل، كلما كان الخطر أعلى.
إنه سبب وجيه للاحتراس من هذه الأدوية. لكن إذا أضفنا لهذا تأثيراتها الأخرى غير المرغوب فيها، فمن الواضح أنه يجب الهرب منها !
خطر السرطان، تسمم الكلى، القلب والعيون…
إليكم المخاطر المصنفة حتى اليوم لهذه الادوية. القائمة طويلة، وعلى ما يبدو أنها ستكبر في السنوات التالية :
أمراض القلب : هناك رابط إحصائي واضح بين تناول هذه الأدوية واضطراب عدم انتظام دقات القلب؛
السرطان : تناول هذه الأدوية على المدى الطويل، يضاعف خطر الإصابة بسرطان المريء؛
الكلى : هذه الأدوية قد تسبب خللاً في وظائف الكلى، ولهذا السبب لا يُنصح بها للذين يعانون من مشاكل في الكلى؛
العينان : تناول هذه الأدوية قد يسبب أمراضاً التهابية في العينين مثل التهاب القزحية؛
لم نذكر حتى الآن الاضطرابات المعوية بسبب هذه الأدوية عند أغلب المرضى (غثيان، حرقة المعدة، عسر هضم، الخ. )، ولا حالة نخر الفك النادرة ولكن المؤلمة جداً.
من اجل نتائج، هي في أفضل الأحوال متواضعة (وفي أسوأ الأحوال معدومة على المدى الطويل) ؟ هذا جنوني حقاً !
لأن هذه العلاجات “الرسمية” أكبر عيب فيها أنها تواري الاستراتيجيات الأكثر فعالية للحصول على عظام بصحة جيدة، %100 طبيعية و%100 بدون تأثيرات جانبية !
اعلموا أن الدواءين الأفضل للحصول على عظام صلبة هما…النشاط الجسدي والشمس !
اقرؤوا أيضاَ:
الجزء الأول: ترقق العظام : لا تقعوا في هذا الفخ.. فقد تصابون بنوبة قلبية!( 1 )
الجزء الثاني: ترقق العظام : لا تقعوا في هذا الفخ ! ( 2 )
المصادر
[1] Mortality Risk Associated With Low-Trauma Osteoporotic Fracture and Subsequent Fracture in Men and Women
[2] Du lait ou du calcium contre les fractures ? Oubliez.
[3] Calcium intake and risk of fracture: systematic review
[4] Milk intake and risk of mortality and fractures in women and men: cohort studies
[5] OÙ TROUVER DU CALCIUM EN DEHORS DES LAITAGES ?
[6] M. J. Bolland, A. Grey, A. Avenell, G. D. Gamble, I. R. Reid. Calcium supplements with or without vitamin D and risk of cardiovascular events: reanalysis of the Women’s Health Initiative limited access dataset and meta-analysis. BMJ, 2011; 342 (apr19 1).
[7] Thierry Souccar, Le mythe de l’ostéoporose, TSE Editions, 2013
[8] Indications de l’ostéodensitométrie
[9] Jarvinen, Teppo L.N., professor, et al. “Overdiagnosis of bone fragility in the quest to prevent hip fracture.” BMJ. May 27, 2015; 350:h2088. Web. http://www.bmj.com/content/350/bmj.h2088
[10] Quantity vs. quality: Long-term use of bone-building osteoporosis drugs
[11] Meier, Raphael, P.H., M.D., et al. “Increasing Occurrence of Atypical Femoral Fractures Associated With Bisphosphonate Use.” Arch Intern Med. 172. 12. (2012): 930-936. Web. April 30, 2016. Web. http://archinte.jamanetwork.com/article.aspx?articleid=1160667
[12] Risk of serious atrial fibrillation and stroke with use of bisphosphonates: evidence from a meta-analysis
[13] Oral bisphosphonates and risk of cancer of oesophagus, stomach, and colorectum: case-control analysis within a UK primary care cohort
[14] Renal complications from bisphosphonate treatment
[15] Inflammatory ocular adverse events with the use of oral bisphosphonates: a retrospective cohort stud