الحساسية الغذائية: بعض الأطعمة تسبب لك البدانة والمرض . كيف تعرفها وتتجنبها؟

التهاب، ترشح، اختلال بكتيري : الثلاثي الجهنمي

النظرية الاكثر احتمالاً أن الحساسيات الغذائية هي نتيجة تفاعل ثلاث ظواهر “مهيجة” لأمعائكم :

  • الخلل في البكتيريا المفيدة الذي يتسبب به تكرار استعمال المضادات الحيوية، الإفراط في السكر والضغط النفسي؛
  • الأمعاء المثقوبة، الراشحة للمواد الغذائية، وخصوصاً تحت تأثير بروتينات الغلوتن التي تعتدي على الأمعاء؛
  • والالتهاب المزمن في الأمعاء، الذي يفاقمه المواد المهيجة : السموم الكيميائية أو…الأطعمة التي لم نعد نستطيع تحملها.
    مثل الدجاجة والبيضة، من الصعب أن نعرف “من بدأ أولاً”. لكن ما هو مؤكد أن هذه الظواهر الثلاث تتفاقم بشكل متبادل.

النتيجة : تدع أمعاؤكم بعض البروتينات غير المهضومة تمر عبر الغشاء المخاطي (وهذا يجب أن لا يحدث عادةً !)، الأمر الذي يؤدي إلى ردة فعل مبالغة من جهاز مناعتكم.

وهكذا تستطيع أطعمة عديمة الخطر أن تؤدي إلى عدم تحمل (أو حساسية مفرطة) الأمر الذي يحفز عدة عوارض مزعجة. منها البدانة..

بالتأكيد، يجب أن ننتظر سنوات حتى يلقي العلماء الضوء على هذه الآليات.

لكننا نعرف ما يكفي لمساعدة أولئك الذين يعانون ! فالعلاج الأول للخروج من هذه الحلقة المفرغة بسيط ومجاني : إلغاء الأطعمة التي تطرح مشكلة !

والإثبات الأفضل على أن هذا ينجح، هي النتائج الواعدة جداً التي حصل عليها المرضى عندما عدّلوا نظامهم الغذائي بحسب نتائج اختبار فحص الحساسية الغذائية.

فحص الحساسية الغذائية : هل هو مؤشر دقيق أم “طب سحري” ؟

أولاً، هذه الفحوصات لم تخضع لأي فحص عالمي للتأكد من صحتها، لهذا فهي ليست موثوقاً بها %100.

مثلاً، عندما يكشف الفحص عن حساسية على الطماطم، فهذا يعني أن جهاز مناعتكم تفاعل مع…نوع الطماطم التي استخدمت لإجراء الفحص. لكن هناك الكثير من أنواع الطماطم ! وقد يتفاعل جسمكم معها بطريقة مختلفة بحسبما إذا كانت نيئة أم مطهوة !

بشكل عام، من الواضح أننا يجب أن لا نأخذ نتائج هذه الاختبارات حرفياً. من الأفضل أن تعرضوها على اختصاصي معتاد على التعامل معها ووصفها.

لكن هناك شيء ما أكيد : حتى لو لم تكن موثوقاً بها %100، من الواضح أنها ساعدت آلاف المرضى حول العالم !

إذا لم يقنعكم هذا، اعلموا أن الدراسات العلمية التي أنجزت مشجعة جداً.

نعم، هناك دراسات علمية مثبتة !

هناك القليل جداً من الدراسات الموثوقة، ولكن تلك المتوفرة أعطت نتائج جيدة :
  • في حالة الأمعاء الراشحة : برهنت دراسة علمية عن تراجع الأعراض بنسبة %26 بعد 12 اسبوعاً من إلغاء الأطعمة المصنفة كعامل تحسسي في فحص الدم؛ وعندما أعيد إدخال الأطعمة، عاودت العوارض السلبية ظهورها؛
  • في حالة الصداع النصفي (الشقيقة) : كشفت دراسة أخرى، على نفس المستوى العلمي، عن انخفاض ملحوظ في عدد نوبات الشقيقة بعد إلغاء الأطعمة المسببة للحساسية؛
  • وأيضاً في حالة البدانة : قامت مجموعة من 40 مريضاً زائدي الوزن بإلغاء الأطعمة، التي كشف فحص الدم عن تحسسهم تجاهها، مدة 6 أشهر. وتبين أنهم خسروا وزناً أكثر من المجموعات الأخرى.
    هذه النتائج الإيجابية، مترافقة مع شهادات مرضى، تكفي للتفكير في أن هذه الفحوصات قد تساعد فعلاً.

لكن قبل أن تهرعوا للقيام بهذه الفحوصات، إذا كان لديكم مشاكل صحية غير مبررة (آلام هضمية، صداع نصفي، أكزيما، صدفية، التهابات متكررة، تعب، الخ. )، ننصحكم أولاً أن تفعلوا هذا بأنفسكم :

هذا ما يجب أن تفعلوه قبل القيام بالاختبارات !

على كل الناس أن يجربوا ريجيماً “بدون حليب وبدون غلوتن” خلال بضعة أسابيع، ليلاحظوا بعدها ردة فعل جسمهم.

ليس فقط لأنهما الأطعمة الأكثر إثارة للحساسية…ولكن لأن لديهما أيضاً عيبين آخرين خطيرين.

أولاً، إنهما مضران بالصحة بحد ذاتهما، إذن لن تخسروا شيئاً بإلغائهما، بخلاف البيض واللوز، اللذان هما أيضاً مصدران شائعان للحساسية.

وخصوصاً، أن الحليب والغلوتن يزيدان بقوة من خطر الإصابة بحساسيات غذائية على أطعمة أخرى : الغلوتن لأنه يزيد قابلية الأمعاء للترشح (عند كل الناس)، والحليب لأنه يجعل الفلورا المعوية أكثر هشاشة عند أولئك الذين لا يمتلكون الأنزيم الذي يسمح بهضم اللاكتوز الموجود في الحليب (وهذه هي حالة أكثر من %40 من الناس).

عندما تلغون الحليب والغلوتن، أنتم تضربون 3 عصافير بحجر واحد !

ولكن لا تتوقفوا هنا. خففوا أيضاً من استهلاك كل الأطعمة الأخرى التي تضعف الفلورا المعوية (أو البكتيريا المفيدة) عندكم : السكر، الفركتوز المضاف، وكذلك المنتجات المصنعة الغنية بالمواد المضافة الكيميائية. ولا تنسوا أن تنشطوا البكتيريا المفيدة عن طريق تناول الخضار وكذلك الأطعمة المخمرة (بروبيوتيك).

إذا كان كل هذا لا يكفي لكي تتحسنوا، فإن فحص الدم قد يساعدكم.

كيف يمكن أن تحزروا، بدون هذا، أن أطعمة مثل الفانيليا، الآجار-آجار، الخردل أو الجمبري (من بين الأكثر شيوعاً) هي التي تسمم حياتكم ؟

إلغاء هذه الأطعمة، على الأقل مؤقتاً، سيكون إذن الوسيلة الوحيدة لتحدّوا من التهاب أمعائكم، وتستعيدوا صحتكم ولياقتكم شيئاً فشيئاً. في بعض الحالات، يمكنكم أن تعيدوا إدخالها من جديد، بدون مشكلة، بعد بضعة أشهر !

وأنتم، هل عايشتم تحسناً عظيماً ؟

نتمنى أن يساعدكم كل هذا، لكن يجب أن تعلموا أننا اكتفينا بالإضاءة قليلاً على هذا الموضوع المشوق والمعقد في نفس الوقت. فنحن لم نتكلم عن أشكال أخرى من الحساسية، مثل الحساسية على الأطعمة التي تحتوي على الهيستامين أو ال FODMAPs (نوع من السكر موجود في الكثير من الفواكه والخضار).

ولكننا نعتمد عليكم أيضاً لتجعلوا المعرفة تتقدم في هذا الموضوع.

إذا لاحظتم تحسناً صحياً عظيماً عندما تلغون بعض الأطعمة، نتمنى أن تشاركوا قصتكم معنا في التعليقات.

وإذا قمتم بفحوصات دم للتحري عن هذه الحساسية، نحن مهتمون أيضاً بمعرفة ما كشف هذا عندكم. لا تترددوا في مشاركة قصتكم معنا !

اقرؤوا الجزء الأول من هذه المقالة: لماذا أصبحت الحساسية الغذائية وباءً عالمياً ؟ وكيف نحمي أنفسنا وأولادنا ؟ ( الجزء الأول )

المراجع

Food intolerance at adulthood after perinatal exposure to the endocrine disruptor bisphenol A. Menard S. et al. FASEB J. 2014 Nov

Intolérances alimentaires : pourquoi tant de mépris ? Avril 2011

Food elimination based on IgG antibodies in irritable bowel syndrome: a randomised controlled trial. Atkinson W, Sheldon TA, Shaath N, Whorwell PJ. Gut. 2004 Oct

Diet restriction in migraine, based on IgG against foods: a clinical double-blind, randomised, cross-over trial. Alpay K, Ertas M, Orhan EK, Ustay DK, Lieners C, Baykan B. Cephalalgia. 2010 Jul.

IgG-based elimination diet in migraine plus irritable bowel syndrome. Aydinlar EI, Dikmen PY, Tiftikci A, Saruc M, Aksu M, Gunsoy HG, Tozun N. Headache. 2013 Mar

The Effect of Elimination Diet on Weight and Metabolic Parameters of Overweight or Obese Patients Who Have Food Intolerance. Meltem Yaman Onmus, Elif Cakirca Avcu, Ali Saklamaz. Journal of Food and Nutrition Research. 2016

Eliminating Immunologically-Reactive Foods from the Diet and its Effect on Body Composition and Quality of Life in Overweight Persons. John E. Lewis et al. Obesity & Weight loss Therapy. Research article

الحساسية الغذائية