سرطان الثدي: إنهم يتاجرون بكنّ !

كما كل سنة، انطلقت حملة “ت1/ اكتوبر الوردي”.

كل الجهود مبذولة لإقناع النساء العنيدات بالتوجه للتصوير الشعاعي للثدي كل سنتين، إذا كانت أعمارهن تتراوح بين 50 و75 سنة.

شهر كامل من الدعاية الإعلامية المكثفة في كل مكان.بكل تأكيد، وراء كل هذا “مشاعر نبيلة” والكل يفكر في الصالح العام.

وحتى الماركات العالمية، بهدف تسويق منتجاتها. تنخرط في الحملة. .

ثم هناك بالتأكيد، الرسائل المنذرة بالخطر والتي تذكّر عبر كل وسائل الإعلام : امرأة من أصل 8 نساء معرضة لخطر الإصابة بسرطان الثدي.

كل هذا من أجل هدف وحيد : حثّ النساء على القيام بفحص مبكر.

بالنسبة لوسائل الإعلام، النساء اللواتي لا يقمن بفحص منتظم لثديهن، هن جاهلات. وهي تذكر مثلاً :

“معدل البقاء على قيد الحياة هو %99 في خلال 5 سنوات إذا تم اكتشاف سرطان الثدي في مرحلة مبكرة، مقابل %26 عندما يُكتشف في مرحلة متقدمة، وهذا ما يرجح الكفة في مصلحة الفحص المبكر”

سنخبركم بعد قليل لماذا هذه الأرقام لا قيمة لها.

لكن ما هو مهم، أن الكثير من النساء لسن مخدوعات بهذا، لحسن الحظ !

نعم، رغم هذه المبالغة الإعلامية الشديدة، النساء يتمنعن. مشاركة النساء في الفحص المبكر المنظم ينخفض منذ سنوات عديدة حتى وصل إلى نسبة %50.

يبدو أن النساء لا يشعرن بالذنب بسهولة…

وهن على حق !

لأن الحقيقة ليست هي ما يعلنونه لكم على شاشات التلفزيون !

الحقيقة حول أهمية الفحص المبكر

اصغوا جيداً إلى ما يقوله الدكتور سيسيل بور، طبيب الأشعة :

“إذا كانت كل أنواع الأورام السرطانية الصغيرة، مقدّر لها أن تصبح كبيرة ومميتة، فالفحص المبكر يصبح مفيداً في هذه الحالة.

لكن هناك احتمالات عديدة بالفعل : هناك الأورام التي تبقى دائماً صغيرة ولا تنمو، وتلك التي تتراجع بشكل تلقائي، وتلك التي تتطور ببطء والتي من الضروري معالجتها. وأخيراً تلك التي تعرف نمواً سريعاً جداً بين جلستي التصوير الشعاعي وهي مميتة مهما فعلنا”.

ما لا يقوله لكم أحد، أن معظم أنواع الأورام التي يكشف عنها الفحص المبكر ليست خطرة أو طارئة لأن :

  • بعضها يتراجع ويتلاشى تلقائياً؛
  • وبعضها الآخر لا ينمو أبداً، او ينمو قليلاً.

النتيجة : الفحص المبكر بشكل منتظم يؤدي غالباً إلى أن تتلقى النساء تشخيصاً مقلقاً لا داعي له، أو حتى علاجاً ثقيلاً كالعلاجات الكيميائية !

بالمجمل، استناداً إلى آراء الأطباء الأكثر تفاؤلاً، من بين كل 1000 امرأة فوق ال 50 سنة تجري فحصاً مبكراً للثدي كل سنة، هناك حالة وفاة واحدة بسرطان الصدر يمكن تجنبها.

ستقولون إن إنقاذ حياة واحدة من أصل 1000 أمر جيد جداً !

ولكن لا تنسوا أن من أصل هؤلاء النساء ال 1000 :

10نساء يخضعن لعلاج لا داعي له (بما فيه العلاج الكيميائي واستئصال الثدي بالنسبة للبعض)
و200 امرأة تقريباً يعانين من ضغط نفسي بسبب إنذار خاطئ…نصفهن يخضعن لفحص الخزعة!

وخصوصاً يجب توضيح أن “تجنب الوفاة بسرطان الثدي” لا يعني “إنقاذ حياة”.

لأننا يمكن أن نموت لسبب آخر غير سرطان الثدي المكتشف باكراً : أنواع سرطان أخرى مثلاً…أو حتى نتيجة علاجات غير مفيدة ولا داعي لها.

الدراسات الحديثة لم تجد أي تأثير لتصوير الأشعة المنتظم على معدل الوفيات الكلي.

هذا قد يعني أن الفحص المبكر للثدي لم يتوصل حتى لإنقاذ حياة واحدة !

إن إجراء هذا الفحص هو قرار يعود اتخاذه لكل امرأة.فإذا شعرت بعارض معين، لا تنتظري قبل أن تستشيري.

إذا كانت طبيعتك قلقة جداً وكنت تريدين أن تطمئني، قومي به. لكن إذا كنت تشعرين بأنك في أكمل عافية ولا ترين أي فائدة في التعرض للإشعاعات الضارة…

…إذن لا تجعلي وسائل الإعلام تشعرك بالذنب في هذا الشهر !

في مواجهة السرطان، ما هو أهم بكثير، ليس الفحص المبكر، ولكن الالتزام بأسلوب حياة صحي وسليم !

وهذا ما يثير غضبنا أكثر في هذا الشهر :

ما ينسون أن يخبروكم به حول سرطان الثدي

ينفقون ملايين الدولارات من أجل “توعية” الناس إلى الفحص المبكر، بينما كان عليهم أن يستخدموا كل هذا المال للتذكير، مثلاً، بأن :

  • زيت الزيتون، بالترافق مع النظام الغذائي لمنطقة البحر الأبيض المتوسط، يرتبط بانخفاض قدره %67 في الإصابة بسرطان الثدي؛
  • المعدل المثالي للفيتامين D يرتبط بانخفاض واضح في خطر الإصابة بسرطان الثدي؛
  • نقص الميلاتونين (الهورمون المتعلق بوتيرة الليل والنهار) هو من أسباب السرطان…وهذا هو السبب الذي يجعل النساء العاملات في الليل معرضات أكثر للإصابة بسرطان الثدي؛
  • ولماذا لا نتكلم أيضاً عن مزيلات التعرق التي تحتوي على الألمنيوم والتي تسبب سرطان الثدي؟
  • لماذا لا نقول للنساء إن عليهن عدم الإفراط في تناول منتجات الحليب، التي تحتوي هورمونات يُشتبه بأنها تساعد على الإصابة بسرطان الثدي (والبروستات) ؟
  • لماذا لا نقول للنساء أن استعمال حبة منع الحمل لوقت طويل يزيد من خطر الإصابة بسرطان الثدي ؟
أتريدون الجواب ؟

لأن هذه نصائح قد تجعل شركات الأدوية ومستحضرات التجميل ومنتجات الحليب، تخسر أموالاً طائلة…

إذن لا تبقوا مخدوعين واستعلموا من مصادر مستقلة لا تبغي الربح. تجدون بعضها في المصادر الموجودة في آخر المقالة.

المصادر

[1] Octobre rose. Des randonneurs courageux sous la pluie, Octobre 2018, Le Télégramme

[2] La mairie aux couleurs d’Octobre rose, Octobre 2018, L’Est Républicain

[3] La commune se mobilise pour « Octobre rose », Octobre 2018, La Dépêche du Midi

[4] Octobre Rose : le « petit nichon », une meringue en forme de sein, vendue pour la bonne cause à Laval, Germain Treille, Octobre 2018, France Bleu

[5] Octobre Rose : les Creusois n’ont pas le réflexe du dépistage, Simon De Faucompret, Octobre 2018, France Bleu

[6] Cinq achats solidaires pour soutenir Octobre rose, Sevin Rey, Septembre 2018, Le Figaro madame

[7] Cancer du sein : la pertinence du dépistage en question, Catherine Ducruet, Octobre 2017, Les Echos

[8] The Natural History of Invasive Breast Cancers Detected by Screening Mammography, Henrik Zahl, Jan Mæhlen, H. Gilbert Welch, November 2008, JAMA Network

[9] Prevalence of incidental breast cancer and precursor lesions in autopsy studies: a systematic review and meta-analysis, Elizabeth T. Thomas, Chris Del Mar, Paul Glasziou, Gordon Wright, Alexandra Barratt and Katy J. L. Bell, BMC Cancer

[10] Dépistage du cancer du sein par mammographie, Gøtzsche PC, Jørgensen KJ, Juin 2013, Cochrane

[11] Overdiagnosis and mammography screening, Welch HG, July 2009, BMJ, US National Library of Medicine

[12] Effectiveness of and overdiagnosis from mammography screening in the Netherlands: population based study, December 2007, BMJ

[13] Breast cancer mortality in organised mammography screening in Denmark: comparative study, Jørgensen KJ, Zahl PH, Gøtzsche PC, March 2010, BMJ, US National Library of Medicine

[14] Twenty five year follow-up for breast cancer incidence and mortality of the Canadian National Breast Screening Study: randomised screening trial, Anthony B Miller, January 2014, BMJ

[15] Effect of organised mammography screening on breast cancer mortality: A population‐based cohort study in Norway, Mette H. Møller, August 2018, Wiley Online Library

[16] Melatonin in the treatment of cancer: a systematic review of randomized controlled trials and meta-analysis, Mills E, Wu P, Seely D, Guyatt G, November 2005, Journal of pineal research, US National Library of Medicine

[17] Aluminium chloride promotes anchorage-independent growth in human mammary epithelial cells, Sappino AP, Buser R, Lesne L, Gimelli S, Béna F, Belin D, Mandriota SJ, March 2012, Journal of applied toxicology, US National Library of Medicine

[18] Contemporary Hormonal Contraception and the Risk of Breast Cancer, Mørch LS, Skovlund CW, Hannaford PC, Iversen L, Fielding S, Lidegaard Ø, December 2017, The New England journal of medicine, US National Library of Medicine

سرطان الثدي