كانت سيلست نيرس نائمة في سرير المستشفى. بالنسبة لهذه الأم، كل شيء رائع. لقد ولدت بنت اسمها زيفاني منذ ثلاث أيام بالكاد. كانت الطفلة بجانبها نائمة وقبضتاها مقفلتان. الأم وابنتها كانت وحدهما هذا المساء، فقد عاد مورن زوج سيلست إلى المنزل.
دخلت ممرضة الغرفة لتتحقق إذا كان كل شيء على ما يرام بالنسبة لزيفاني. وشعرت سيلست أن جفنيها يثقلان شيئاً فشيئاً. هذه الأيام الأخيرة كانت منهكة ! وتركت نفسها تنام دون أن تتخيل ثانية واحدة أن هذه اللحظة من السعادة مع ابنتها ستكون الأخيرة. عندما استيقظت، نظرت سيلست من حولها ولاحظت متفاجئة أن ابنتها الصغيرة اختفت. وطلبت الممرضة فوراً. قد تكون إحدى الممرضات أخذتها ؟ ولكن عندما شاهدت وجه الممرضة المرتبك، أيقنت أن هناك شيء ما ليس على ما يرام.
لقد خُطفت زيفاني. هذه “الممرضة” التي رأتها سيلست قبل أن تنام ليست في الحقيقة ممرضة. كان الخبر مأساة بالنسبة للزوجين اللذين نبشا السماء والأرض بحثاً عن ابنتهما الصغيرة ذات الثلاثة أيام، ولكن دون جدوى. مر الزمن ولكن الجرح بقي مفتوحاً. “هذا الأمر يحطم قلب الأم. هل هي بحالة جيدة ؟ هل يساء معاملتها ؟ هل هي على قيد الحياة ؟” كل هذه الأسئلة، تعترف سيلست أنها طرحتها. لكنها كانت تعرف هي ومورن أنهما يجب أن يتقدما إلى الأمام وأنهما يجب أن يعيدا بناء حياتهما.
أنجب الزوجان ثلاث أولاد آخرين، بنتين وصبي. برغم العمر الذي يمضي، بقيت زيفاني محبوبة وفي البال دائماً. كل سنة، كانت العائلة تجتمع لتحتفل بعيد ميلاد ابنتهم المختفية. وكل سنة، كانا ينشران خبراً في الصحف المحلية على أمل العثور عليها، بدون أي نجاح.
لكن ذات يوم، عادت ابنتهما الصغيرة كاسيدي البالغة من العمر 13 عاماً، من يومها الأول في المدرسة الثانوية. كان مورن وسيلست ينتظران سماع أخبار اليوم الأول في المدرسة، لكن ما سمعاه أصابهما في الصميم. أكدت كاسيدي أنها شاهدت صبية في المدرسة تتشارك معها تشابهاً مدهشاً. وللمرة الأولى منذ وقت طويل، يضيء بصيص من الأمل في عيني الأبوين. وماذا لو كانت هي ؟
عندما قابلا الطالبة التي كلمتهما عنها كاسيدي، اصيب مورن وسيلست بأشد صدمة. بالنسبة للأم، كان هذا بديهياً، هذه الصبية هي ابنتهما زيفاني. اتصلت فوراً بالبوليس الذي أجرى فحص ال DNA. عندما كانت تلتقط السماعة لتسمع النتيجة، كان من الصعب عليها أن تسيطر على عصبيتها. “لقد أصبحت أماً من جديد” وتحولت عصبيتها إلى سعادة غامرة. غرقت سيلست في البكاء تحت وطأة الانفعالات. 17 سنة من الألم، من الحزن والقلق، شارفت أخيراً على نهايتها ! لقد وجدا زيفاني ! أو على الأقل، هذا ما اعتقدته.
كانت زيفاني تعيش على بعد بضعة كيلومترات فقط من أهلها الطبيعيين الذين لم يخطر لهم ببال أنها بهذا القرب، حيث ربتها منذ 18 سنة امرأة تحبها أكثر من كل الدنيا. كانت الصدمة عنيفة عندما علمت أنها خطفتها من المستشفى بعد أن أجهضت. زوج الخاطفة نفسه لم يكن على علم بقضية الخداع هذه وربى زيفاني معتقداً أنها ابنته فعلاً. ووجدت الصبية نفسها ممزقة بين عالمين : العالم الذي أمضت فيه كامل حياتها، وذلك الذي كان عليها أن تعيش فيه.
عندما حاولت عائلة نيرس أن تتواصل مع زيفاني لبعض الوقت، اكتشفت أن نشوة جمع الشمل سريعة الزوال. اكتشف الأبوان المرعوبان أن ابنتهما ليست كما كانا يتصوران، وأنهما لا يستطيعان التواصل معها. وابتعدت المراهقة شيئاً فشيئاً عن أهلها الطبيعيين لتعود نحو أولئك الذين ربوها أكثر من 17 عاماً. اعترف مورن “لقد سرقتها مرة. ولديّ الانطباع الآن أنها سرقتها من جديد. هناك تواصل ولكننا لم نستطع أن نخلق روابط، ليس لدينا الوقت ولا المكان لنفعل هذا”.
اليوم، زيفاني التي تعيش دائماً تحت الاسم الذي أعطاه إياها أهلها “الخاطفون”، ترفض أن ترى سيلست ومورن، وأيضاً أخوتها وأخواتها. لكن الحكم صدر على الخاطفة. يقول مورن “أتمنى الآن، بما أن هذه المرأة وراء القضبان، أن يتحسن الوضع. لا أستطيع أن أفعل أكثر من هذا. آمل فقط أن تختار العودة وحدها ذات يوم”. يمكنكم أن تروا شهادته هنا (باللغة الانكليزية) :
هذه القصة، التي قدمناها من آي فراشة، مدهشة حقاً مع أن أحداثها لم تنته كما تمنينا كلنا. بعد أن عاشا في الظلام ثم عثرا على النور، سيلست ومورن، المطلقان اليوم، نتمنى أن يعودا من جديد ليريا طريقهما المحفوف بالصعاب العديدة. نأمل أن يصل هذا المسار المؤلم الذي ابتدأ منذ 18 سنة، إلى نهايته السعيدة المختلفة عما هي عليه الآن.