التميـيز لا يُحتمل مهما كان نوعه. وذاك الذي يُمارس ضد البدينين غير مقبول إذ يتجمّل أحياناً بحجج مغلّفة بالعطف الكاذب من نوع «لكن هذا من أجل مصلحته، هذا أفضل لصحته». علماً أنَّ كافة الدراسات تشير إلى أنَّ هذا الضغط على البديـنـين يدفعهم إلى البحث عن العزاء حيث يجدونه… أيّ في الثلاجة! هل يمكن إذاً أن يؤدي هذا التمييز إلى حرمان الشخص البدين من الحصول على فرص عمل أو حقّ الإستشفاء أو الصعود إلى الطيّارة؟
وأظهرت دراسة أجريت مؤخراً أنَّ فرصة الأشخاص البدينـين الذين يرسلون سيرهم الذاتية مع صورهم للحصول على عمل ما، أقل من الآخرين. وهكذا ظهرت الفكرة: فرض مبدأ طلب سير ذاتية من دون صورة هو الفرصة الوحيدة التي يمكن أن يستفيد منها البدين إذ لا يمكن لربّ العمل أن يكتشف أنَّـه يعاني من وزن زائد بمجرد قراءة سيرته. وهنا تبدو النيّة ممتازة، لكن هل تحل المشكلة؟ نشك في ذلك. فهل سيعاود رب العمل الإتصال بالشخص البدين، بعد المقابلة الأولى؟ هذا ليس مؤكداً.
وتـتركك مقالة كتبها جامعيون أميركيون مشدوهاً، إذ قاموا باحتساب «ما يكلّفه» البدينون من زيادة في استهلاك الوقود لشركات الطيران، نظراً للوزن الزائد الذي يتوجّب عليها نقله. وقد أتت النـتيجة على الشكل التالي: 1.3 مليار ليتر، ما يمثّل بحسب المقالة 3.4 طن مكعب إضافياً من ثاني أوكسيد الكربون! هل يعني هذا أنَّ الأشخاص الذين يعانون من وزن زائد مسؤولون جزئياً عن الإحتباس الحراري؟.
اقـترح وزير الصحة في سنغافورة أن توضع العلامات للطلاب بحسب وزنهم، بغية حثّ الأهل على مراقبة زيادة وزن أولادهم. ويقـترح المعهد الوطني للصحة في المملكة المتحدة وقف علاج الأشخاص البدينين إذا ما رفضوا تغيـير عاداتهم الغذائية. وتسجّل فرنسا سنوياً 11 مليون حالة مرضية ناتجة عن أسلوب العيش الحالي، تـتطلب 500 ألف منها دخول المستشفى فيما تْعتبر 20 ألف حالة منها مميتة.
وهل يمكن أن يأتي يوم يُمنع فيه تـقديم العناية الصحية لسائقي السيارات، ولأولئك الذين يهوون الأعمال الحرفية أو إجراء التصليحات في منازلهم بأنفسهم أو أعمال البستـنة، وللرياضيـين، لمجرد أنهم يمارسون نشاطاً أو هواية «تـنطوي على مخاطر»؟ ثمة انحراف مقلق جداً هنا ويعكس الحكم السلبي الذي نسقطه على البدينين. فلو كان من السهل أن يصبح (وأن يـبقى) المرء نحيفاً، كحال التوقّف عن التدخين، لفعل الكل هذا.