إذا كان وزنكم زائداً وكنتم معرضون للسكري (أو ربما كنتم مصابون بالسكري النوع الثاني فعلاً)، فإن الشيء الأول والأهم الذي عليكم فعله، هو فقدان الوزن. وهذا ما يجر الى السؤال الفوري بعده: “نعم، ولكن كيف ؟”
كيف ننحف عندما لا يكون هذا ممكناً ؟
إذا كان وزنكم زائداً، أعرف أنكم لم تفعلوها قصداً (بالطبع !). أعرف أنكم حاولتم أن تكافحوا هذا الوزن الزائد. أعرف أنه يقلقكم، ربما دائماً. ولكن لا شيء نجح معكم.
بعبارات أخرى، تسمعون دائماً عن طرق مختلفة لفقدان الوزن بشكل دائم، بدون ريجيم.
لكنني لن أكلمكم اليوم عن أي نظام غذائي. سنتكلم اليوم عن…الحب.
نقص الحب هو السبب الأول لزيادة الوزن.
ربما لستم معنيين بالمشكلة. ولكنني في تجربتي الطويلة حول الموضوع، لاحظت أن غالبية الأشخاص الذين يعانون من الوزن الزائد كانوا في حالة نقص حب، في لحظة أو أخرى من حياتهم.
النقص في الحب قد يكون من جهة الأهل، من جهة الشريك، من جهة الأولاد، أو حتى من قبل الزملاء والأصدقاء، وفي بعض الأحيان حتى من الأقارب.
هذا النقص في الحب يتعايشون معه على أنه اعتداء متكرر، طويل المدة، يجبرهم على أن :
يحموا أنفسهم؛
يجدوا مصدراً آخر يعزيهم.
لنبدأ بالنقطة الأولى : الحماية.
حتى يحموا أنفسهم من الاعتداءات الخارجية، يغلف الضحايا أنفسهم ب “طبقة حماية”
الكيلوهات الزائدة هي وسيلة للحماية : الحماية من المجاعة، بالتأكيد، ولكن الحماية أيضاً من الضربات.
ضربات يمكن أن تكون حقيقية، في حالة ضرب ولد أو امرأة، أو رمزية، في حالة شخص تعرض للتحرش، للانتقاد، للتنمر من محيطه.
البدانة هي وسيلة لخلق “طبقة حماية” تجاه المحيط، حتى تصبح على شكل درع.
ما دام الاعتداء متواصلاً أو ما دامت الجراح لم تشف بعد، من غير المجدي أن تحاولوا أن تنحفوا، لأن غريزة البقاء تدفعكم إلى المحافظة على الحماية، أو إلى إعادة بنائها بأسرع وقت ممكن إذا حرمكم الريجيم القسري من هذه الحماية مؤقتاً.
النقطة الثانية: الطعام كمصدر أساسي للطمأنينة
في حال نقص الحب، أنتم مجبرون على أن تعثروا على مصدر آخر للطمأنينة والتعزية.
العثور على الطمأنينة في الحياة ليس سهلاً، لأننا لا نمتلك أبداً الظروف، البشرية أو المادية، الضرورية للشعور بشكل أفضل. في المقابل، هناك شيء تضعه المجتمعات الحديثة تحت تصرفنا بوفرة، وهو متوفر بسهولة وبشكل دائم ليلاً ونهاراً: الطعام، وخصوصاً الوجبات السريعة.
الشخص الذي يجد نفسه وحيداً، حزيناً، محبطاً، تعيساً، من الممكن عملياً، مع الحد الأدنى من الجهد والمال، أن يلجأ إلى تناول أشياء من مختلف الأنواع يملأ بها فمه وتعطيه الراحة بشكل فوري ومؤكد.
إنني متوتر لأنني أخاف من أن أتأخر؟ بسرعة، بعض الحلوى. أنا خائف من أن يوبخني رئيسي في العمل ؟ بسرعة، بعض البسكويت. أشعر بالقلق نتيجة الفحص الطبي؟ بسرعة، آيس كريم أو تشيبس.
تعود جذور هذه العادة إلى غرائزنا العميقة جداً، ونحن ننميها غالباً منذ نعومة أظفارنا. كم من المرات قام الكبار بتعزيتنا بواسطة البونبون، البسكويت، الآيس كريم؟ كان هذا سحرياً، وكان ينجح تقريباً دائماً.
لكن هذا لا يكفي كي “نقرر التوقف” عن هذه العادات. إذا قررتم التوقف عن تناول الطعام الذي يريحكم، كل ما سوف تحصلون عليه هو…راحة أقل!!
لكنكم بحاجة إلى هذه الراحة ! لا تستطيعون أن تعيشوا بدونها!! هؤلاء الذين يحاولون أن يحرموكم منها هم قساة ولاواعين !!!
الحل: عودوا إلى أصل المشكلة كي تحلوها
الحل الوحيد بديهياً هو العودة إلى مصدر المشكلة.
بعبارة أخرى، يجب حل موضوع نقص الحب الذي يدفعكم إلى الأكل كي تحموا أنفسكم وتعزّوها.
عندما لا تعودون بحاجة لا للحماية ولا للتعزية عن طريق الطعام، سيرحل وزنكم الزائد ولن يبقى منه شيء، سيرحل بهدوء، بدون بذل أي جهد وربما حتى بدون أن تلاحظوا.
لكن ما دامت المشكلة باقية، فالريجيمات، الجهود الكبيرة، الحلول الجيدة التي سوف تعتمدونها لن تفعل شيئاً إلا تعميق ألمكم، وجعل حياتكم أصعب، لأنكم تواجهون باستمرار صعوبة في أن تأكلوا أقل، مما يجلب لكم شعوراً دائماً بالفشل، بالدونية، وبعدم الملاءمة.
لهذا يجب أن تتخذوا قرارات مؤلمة: أن تبتعدوا عن الأشخاص الذين يؤذونكم، وترتبطوا بالاشخاص الذين يجلبون لكم طمأنينة أصيلة أقوى وأكثر استمراراً من الطعام.
هذا سوف يخيفكم في البداية. وهذا طبيعي. تخافون على المدى القصير من أن تجدوا أنفسكم أكثر وحدة. بعدها، عليكم أن تجدوا توازناً عاطفياً جديداً مع أشخاص جدد. وسوف يخيفكم هذا أيضاً، لأنه يأخذ وقتاً، إنه صعب.
لكن كل الطاقة التي سوف تنفقونها في هذا المجال ستكون أفضل مما لو أنكم أنفقتموها في ريجيمات غذائية وهمية. لن يضيع أي جهد. وضعكم سيتحسن باستمرار إذا قررتم أن تنقطعوا عن العلاقات السامة وترتبطوا بعلاقات إيجابية. إنها طريقة للعناية بأنفسكم لها معنى عميق وتساهم بطريقة حاسمة في تحسين صحتكم على المدى المتوسط والبعيد.