سنقدم لكم بعض النصائح العملية البسيطة لتستفيدوا أنتم أيضاً من هذا “العلاج المعجزة”.
لكن لنخصص معاً ثانية نفكر فيها ما هو فعلياً الامتنان.
ما هو الامتنان ؟
الامتنان هو الانفعال الذي نشعر به عندما يقدم لنا أحدهم خدمة أو يفيدنا بشيء.
لكنكم تلاحظون مع هذا أن الامتنان هو منظومة هندسية متغيرة. نحن نكون ممتنين أكثر إذا خرجت المنفعة التي حصلنا عليها عن المألوف. إذا لم تكن مسجلة في عقد، أو عادة أو اتفاق اجتماعي. نحن نكون أكثر امتناناً لغريب يخبرنا عن الوقت في الشارع مما هو لصديقنا أو زميلنا في المكتب.
كل شيء يحدث كما لو أن هذا الشعور دوره لحم أجزاء المجتمع، تقوية الروابط بين الكائنات البشرية.
إنه يدفعنا للتعاطف مع أولئك الذين يجلبون لنا منفعة. ومجرد قول “شكراً” ببساطة، يعمّق نوعية العلاقة : فاعل الخير، السعيد بأن يرى أن هناك تقديراً لتصرفه، سيتشجع لمواصلة تقديم خدماته !
لكن الامتنان لا يكتفي بربطنا بالآخرين. بطريقة غامضة، يشعر الناس بهذا الانفعال موجهاً إلى “شيء كليّ” يتجاوزهم.
الكثير منهم يعبّرون عن امتنانهم تجاه “القدر”، “الحظ الجيد”، أو بالتأكيد “القدرة الإلهية”. هذا الموضوع هو محور دعوات كل المؤمنين في أغلب الديانات.
ما هو السر الذي اكتشفته هذه التقاليد ومصادر الحكمة ؟
الامتنان يعالج لأنه يجعلنا أكبر
الامتنان ثمين لأنه يقودنا للاعتراف بأن هناك خير في حياتنا. الحياة ليست أبداً مثالية وأحياناً قاسية. لكنها تحتوي أيضاً على الفرح، على لحظات جديرة بأن تُعاش.
الامتنان يدعونا للاحتفال بهذه اللحظات، للتعرف على كل ما هو خير في حياتنا بدل اجترار كل ما هو سيء أو شر، للتركيز على الإيجابي بدل السلبي.
إنه ليس مجرد “تفكير إيجابي”. الأمر لا يتعلق بتجاهل الصعوبات والتحديات في الحياة اليومية. إنه التثبت من أن التجارب والمحن يمكن أن تمنحنا شيئاً، وأنه يجب التركيز على هذا.
يساعد الامتنان أيضاً على إغلاق الباب في وجه المشاعر السامة مثل الحسد والمرارة. بدل أن نغار ممن يمتلك أكثر، فالامتنان يجعلنا نقدّر ما نمتلكه. إنه يدعونا لنبتهج ونحن نفكر بأولئك الذين يعانون أكثر، كابحاً هكذا ميلنا الطبيعي للنظر بعين النقمة نحو ما يمتلكه جارنا أكثر منا.
أعمق من هذا، الامتنان يعيدنا إلى أنفسنا لننفتح على الآخرين. عندما نكون ممتنين نشعر بأننا مدينين للغير على الأقل بجزء من الفوائد التي وصلتنا.
ناكر الجميل هو شخص متغطرس، أناني. كل شيء يرجع إليه. لماذا، عندها، يجب أن يكون ممتناً تجاه أولئك الذين قدموا له خدمة ؟
بالمقابل، عندما نكون ممتنين، لا نعود نعتبر الفوائد التي قدمها لنا الآخرون حقاً مكتسباً. بدل أن تكون علاقتنا مع الغير باردة وجافة، تصبح غنية بالدفء والترحاب.
وكلما عبّرنا عن امتناننا أكثر، كلما ابتهج محيطنا أكثر بفعل الخير لنا. كلما فعل هذا أكثر، كلما أعطانا أسباباً أكثر للامتنان…إنها حلقة مفرغة بدون نهاية !
لكن الأمر ليس سهلاً لهذه الدرجة.
لماذا من الصعب أن نكون ممتنين
يتمتع البعض بموهبة الامتنان طبيعياً. إنهم يستطيعون أن يبلغوا القمم : كانت الأم تيريزا تقول إنها ممتنة بدرجة لا توصف للمحرومين الذين كانت تساعدهم، لأنهم يساعدونها في تعميق روحانيتها الخاصة.
لكن ليس كل الناس هم الأم تيريزا. بالنسبة لكم ولي، في الحياة اليومية، الأمر معقد أكثر وهو يتطلب الممارسة العملية.
لأن أكبر عدو للامتنان، هو ميلنا المزعج للتعوّد عليه. نعرف اليوم ان الرابحين في اليانصيب، بعد سنة من النشوة، يعودون إلى مستوى السعادة الذي كانوا عليه قبل الربح. لقد اعتادوا على حياتهم الجديدة، منزلهم الجديد، المطاعم الفخمة.
إنهم يعتبرون، بسرعة، هذه المنافع حقاً مكتسباً. تبدو لهم حياتهم الجديدة “طبيعية”. لا يعودون يشعرون بشكل خاص أنهم ممتنون للحظ الذي صادفهم.
هذا الانزلاق يؤثر علينا كلنا، كل يوم : المياه الجارية، التدفئة، إمكانية الحصول على طعام ثلاث مرات باليوم، كل هذا يمثل راحة خارقة بالنسبة لما عاشته البشرية طوال ألوف من السنين.
لهذا السبب يبدو من الصعب على سكان الدول النامية أن يشعروا بالامتنان.
الأمان والراحة لا يسهلان الشعور الامتنان. فكروا بأولئك الأولاد المدللين الذين يتلقون كل الاهتمام.
إنه عمل شاق أن نضع أنفسنا في موقف تواضع ثم نشكر القدرة الإلهية على كل ما قدمته لنا. أن نضع أنفسنا في موقع تلقي جمال الوجود ومباهجه البسيطة.
بالنسبة لأغلبنا، من المستحيل أن نتوصل إلى هذا بين ليلة وضحاها. لكن هناك حيل بسيطة لتنمية هذا الشعور الثمين.
لا تنتظروا أكثر !
هذا ما أعرضه عليكم.
في خلال أسبوع، خصصوا خمس دقائق يومياً لتسجلوا ملاحظات من يومكم.
- إنها الممارسة الأكثر فعالية : الدراسات الني ذكرناها تبرهن أنها يمكن أن تصنع فرقاً كبيراً بالنسبة لمعنوياتكم، نومكم، صفائكم وحالتكم الصحية بشكل عام.
- يكفي أن تخصصوا بضع دقائق كل يوم لتسجيل 3 إلى 5 خيرات أو نِعَم تشعرون أنكم ممتنون لها. لا تبقوا الأمر غامضاً، صفوا بدقة الفائدة المذكورة والشعور الذي شعرتم به (أو ماذا يمكن أن تشعروا به لو أعرتموه انتباهاً أكثر !).
- إذا مررتم بصعوبات، اسألوا أنفسكم بماذا فد تخدمكم هذه التجارب في النهاية (مثلاً، مواجهة شخصية صعبة في المكتب يمكن أن تساعدنا على تحسين صبرنا وتفهمنا للآخرين).
هيا، لا تنتظروا قبل الانطلاق في التجربة !
وإذا أردتم، شاركونا بتجربتكم. اكتبوا ما حدث معكم في التعليقات.
هل شعرتم بنفس التأثيرات المدهشة المذكورة في الدراسات العلمية ؟ إذا نعم، أخبرونا؛ إذا لا، أخبرونا أيضاً !
من السهل جداً أن نقول “شكراً” !
سنبدأ نحن : شكراً لأنكم قرأتم مقالتنا حتى النهاية. نعرف أن وقتكم ثمين ورغم هذا خصصتم وقتاً لنا.
نحن ممتنون جداً لاهتمامكم.
راجعوا الجزء الأول : مئات الدراسات العلمية تؤكد : الكلمة التي تشفي ! ( الجزء الأول )
لكي تشفوا، قولوا هذه الكلمة !